على الرغم من استعدادها للتعاون مع
المسؤولين الصينيِّين لمعالجة أي مخاوف أمنية تتعلَّقُ بالخصوصية، فإن
مايكروسوفت تعاني بالفعل داخل الصين، حيث يتم القضاء على منتجاتها
تدريجيًّا واستبدالها ببدائل محليَّة.
وكشفت مصادر مُقرَّبة من الحكومة
الصينيَّة لوسائل الإعلام المحليَّة أن السُّلُطات تعمل حاليًا ليحلَّ محل
ويندوز نظام تشغيل يتم تطويره محليًّا، وعلى الأرجح أنه يعتمد على توزيعة
لينكس، التي من شأنها توفير الأمن والحماية بصورة أفضل من مايكروسوفت.
هذا القرار ليس من الأمور المفاجئة في كل
الأحوال؛ وذلك نظرًا لحقيقة أن الحكومة الصينية قد حَظَرَت ويندوز 8 بالفعل
في وقتٍ سابقٍ هذا العام في سياق المُطالَبات الأمنيَّة، وتحاول
السُّلُطاتُ الآن التخلُّص من ويندوز تمامًا، والانتقال إلى نظام التشغيل
المحلي الجديد.
وبينما يريد الصينيُّون الآن التخلُّص من
ويندوز من على أجهزة الكمبيوتر الحكومية فقط، لا تندهشوا إذا شاهدنا تمديد
لهذا القرار في الدولة بأكملها، بما في ذلك الشركات والمؤسسات التي تستخدم
نظام تشغيل ويندوز.
ربما كان المستهلكون هم الفئة المُستبعدة
عن تلك القرارات؛ لأنه من الصعب السيطرة عليهم كما تعلمون، لكن لا يوجد شك
أنه إذا ما تم اتخاذ مثل هذا القرار؛ ستختفي ويندوز ولا شك من الصين
تدريجيًّا.
الهجوم على ويندوز يستهدف الولايات المتحدة
إذا كنتم من مُتابعي هذه القصة عن كثب،
لعلمتم أن مايكروسوفت حاولت إلى حدٍّ كبير لبذل كل ما يُمكن فعله من أجل حل
مشكلتها مع الصين؛ للسماح لويندوز أن يتوافر ليس فقط للمُستخدِمين، وإنما
أيضًا للدوائر الحكومية.
وحاولت الشركة أن تتعاون مع المحققين في
قضية مايكروسوفت والاحتكار، الأمر الذي دفع ساتيا ناديلا – الرئيس التنفيذي
لشركة مايكروسوفت- لزيارة الصين بنفسه لمناقشة مشاكلهم وإقناعهم بأن
ويندوز آمن، ومثله مثل أي نظام تشغيل آخر.
كل هذه الجهود في طريقها لأن تصبح هباءً
منثورًا ومضيعة للوقت؛ لأن الصين تمضي في خطتها للقضاء على ويندوز
واستبداله بمنصة خاصة بها، حاليًا سيبدأ الأمر على مستوى الحكومة، لكن من
المحتمل جدًا أن يتوسّع عدد مُستخدمي النظام الصيني الجديد فيما بعد.
النقطة التي أودّ ذكرها هنا، أنه بغضّ
النظر عن كوْنِ الصين دولة غريبة الأطوار، لكنها في كل ذلك لا يعني كرهها
لمايكروسوفت، وإنما الهدف الرئيسي هو الردّ على الولايات المتحدة بأكثر من
طريقة، وذلك كلما هاجمتها الحكومة الأمريكية، ويظهر ذلك جليًّا طالما كانت
مايكروسوفت هي مجرد واحدة من الشركات الأمريكية التي تأثّرت بهذه المعركة
لمسافاتٍ طويلة. أظن أن مايكروسوفت لا تزال لديها حيلة لحلِّ مشاكلها في
هذا النزاع.
القرصنة هي “المُنْقِذ”
إحدى الحقائق المعروفة جيدًا عن الصين،
أنها واحدة من الدول التي يصل مستوى القرصنة داخلها إلى مستويات مرتفعة
للغاية، ومايكروسوفت نفسها حاولت أن تعالج هذه المشكلة في السوق السوداء من
خلال إجبار الشركات والمؤسسات وحتى الدوائر الحكومية المحليَّة للانتقال
إلى شراء إصدارات ويندوز الأصلية.
بل وأكّد ستيف بالمر – الرئيس التنفيذي
السابق لمايكروسوفت- بنفسه بأن تسعة من كل عشرة تراخيص ويندوز في الصين يتم
قرصنتها، لذلك فمن الواضح تمامًا أن ويندوز تُدرك جيدًا كيف تسير الأمور
في الصين.
لكن هذا المستوى المرتفع من القرصنة قد يُساعد مايكروسوفت هذه المرة بالفعل.
إذا أرادت الصين القضاء على ويندوز، من
الممكن أن نقول إنها مسألة صعبة بحق – إن لم تكن من المُستحيل!-، ومن
المحتمل أن تفشل هذه الخطة من البداية طالما لا توجد قرارات تعسُّفيّة من
الحكومة هناك. واستبدال ويندوز بتوزيعة لينكس بلا شك عملية صعبة، خصوصًا أن
كل مواطني الصين يعلمون كيفية استخدام ويندوز، والأمور المألوفة كما
تعلمون أمرًا لا يُمكن تجاهله.
بقدر ما يتعلّق الأمر بأجهزة الكمبيوتر
الحكومية فقط، فإن الإنتاجية مسألة بالغة الأهمية، ويندوز في حقيقة الأمر
مسألة حيوية، لذلك لا يمكنك استبداله بأي نظام تشغيل جديد – حتى لو ماك-
فجأة وتأمل أن تسير الأمور على ما يُرام.
بالنسبة للمستخدمين العاديين، من
المُستحيل أن يحلَّ لينكس مَحَلَّ ويندوز خلال المدى القصير، خاصة لأن ميزة
الأسعار المنخفضة – أو ربما مجانية- المنصات مفتوحة المصدر لم تَعُدْ
صالحةً في حال استخدام نسخة ويندوز مُقَرْصَنَة.
في هذا السياق، تشير الإحصاءات إلى أن
ويندوز يعمل على أكثر من 90% من أجهزة الكمبيوتر المكتبية داخل الصين، وهذا
يعني أن أنظمة تشغيل أخرى مثل لينكس وماك تكاد تحصل على نسبة صغيرة من هذه
الحواسيب.
أنا أحب استخدام لينكس بجانب ويندوز – غير
مُقَرْصَن-، لكن ويندوز في جوهره هو نظام تشغيل لديه قوته الخاصة في
الصين، وبغضِّ النظر إذا كانت الحكومة الصينيَّة تُريدُ التخلُّص منه
سريعًا، هذا لن يحدُث. يمكنها تجربة ذلك، وليس حبًّا في مايكروسوفت أو
ويندوز، وإنما اعتمادًا للحقائق، أستطيع إخبارها: خطتك فاشلة.
تعليقات
إرسال تعليق
add_commentإرسال تعليق
اضف تعليقك هنا ويسرنا ان نستمع الى تعليقاتكم وفي حال وجود اي تعليق يخل بالاداب يرجى ابلاغنا بذلك