-->

مايكروسوفت تَنْفُض الماضي، وتبدأ عهد جديد مع ساتيا ناديلا مايكروسوفت، هذه الشركة العريقة التي ظلمت نفسها طوال السنوات الماضية بسبب التفكير المُنغلق والحصري على مُنتجات بعينها، يبدو أنّها استفاقت أخيرًا تحت قيادة الرئيس التنفيذي الجد…

مايكروسوفت تَنْفُض الماضي، وتبدأ عهد جديد مع ساتيا ناديلا

مايكروسوفت، هذه الشركة العريقة التي ظلمت نفسها طوال السنوات الماضية بسبب التفكير المُنغلق والحصري على مُنتجات بعينها، يبدو أنّها استفاقت أخيرًا تحت قيادة الرئيس التنفيذي الجديد (ساتيا ناديلا) وتسير في الطريق القويم عبر الانفتاح على النُظم الأخرى والتعاون مع الشركات المنافسة لخلق تجربة أفضل للمستخدم. يُمكننا تحديد عُمر مايكروسوفت بثلاثة عهود، عهد الإبداع؛ وهو السنوات الأولى للشركة في السوق وابتكارها نظام تشغيل ويندوز الذي كان بدون منافس في هذا الوقت، وعهد الركود؛ ويتلخص ببساطة في كلمتين (ستيف بالمر)، وعهد الإنفتاح الذي يقوده الرئيس التنفيذي الحالي ساتيا ناديلا. دعونا نُلقي نظرة على تاريخ مايكروسوفت.
بدأت مايكروسوفت خطواتها الأولى في عالم برمجيات الحاسوب عبر تطوير نُسخة من نظام اليونكس في 1980 وإعادة بيعها باسم Xenix واستدعت مايكروسوفت وقتها شركة أخرى لتطويعه كي يعمل على أكثر من منصة تشغيل، قامت مايكروسوفت ببيع هذا النظام إلى الشركات الكُبرى من مصنعي الحاسبات، قبل أن تخرج من سوق نظام اليونكس نهائيًا في منتصف الثمانينيات.
مع خروج مايكروسوفت من سوق يونكس بدأت بتطوير نظام النوافذ (ويندوز) وأطلقته لأول مرة عام 1985 كملحق بياني لنظام MS DOS، في هذا الوقت لم تكن مايكروسوفت متميزة عن أبل وكانت السيطرة لأبل في سوق الحواسيب مع الماكنتوش. كان هذا الحال حتى قامت مايكروسوفت بإطلاق نظام تشغيل ويندوز 95 في الرابع والعشرين من أغسطس عام 1995، وقتها قامت الشركة بتغييرات ثورية على النظام وأضافت إليه الكثير من المميزات وأهمها واجهة المستخدم كائنية التوجه، وقتها استطاعت مايكروسوفت أن تزيد من حصتها في السوق تحت قيادة بيل جيتس الذي أصبح أغنى رجل في العالم بفضل مبيعات النظام ثم إطلاق نظام تشغيل ويندوز 98 و ويندوز إكس بي الذين حققا نجاحات كبيرة أو بمعنى آخر اكتسحا سوق نُظم التشغيل في العالم وقتها.
في هذا التوقيت كانت مايكروسوفت في أوج قوتها وسيطرتها على السوق، ويكفي أنّ شعار متصفح إنترنت إكسبلورر وقتها يُعتبر نافذة الوصول إلى الإنترنت، كما أنّ حزمة الأوفيس كانت الأكثر انتشارًا بين رواد الأعمال في ذلك الوقت. كانت مايكروسوفت مُسيطرة ولم يكن لها منافسين، وبعد تنحي بيل جيتس عن منصب الرئيس التنفيذي للشركة وتولي ستيف بالمر للمنصب، استطاعت الشركة الثبات على نسب استحواذها في سوق البرمجيات، لكنّها للأسف كانت تفتقد للرؤية المُستقبلية، فلم ترى قوقل قادمة، أو مواقع الويب 2.0 أو الشبكات الاجتماعية التي تُقدّر قيمة أحدها [فيسبوك] بنصف قيمة مايكروسوفت في السوق.
microsoft_Windows_95يُمكنني وصف حقبة ستيف بالمر في مايكروسوفت بالأسوأ في تاريخ الشركة، الرجل لم يهتم بالتجديد والتطوير وكانت الشركة في عهده تسير ببطء شديد جدًا على صعيد التنمية الداخلية، حتى ثقافة الموظفين نفسها لم تكن على قدر المنافسة، في الوقت نفسه كانت شركات مثل قوقل قد وصلت إلى حد كبير من الإبداع والتقدُّم لدرجة أنّها أصبحت قِبلة الموهوبين من مختلف المجالات التقنية.
ستيف بالمر بكل بساطة أسقط مايكروسوفت في الحضيض، وكانت خطواته كلها متأخرة في قيادة مايكروسوفت وعبارة عن تقليد لمنتجات أخرى للمنافسين، دعوني أوضح لكم في بعض النقاط.
    •  مُحرك بحث مايكروسوفت بينج لم يخرج لمنافسة قوقل إلّا بعد سنوات عدّة كانت الأخيرة قد سيطرت فيها على السوق، وكان الأجدر أنّ تكون المنافسة وقت خروج قوقل.
    • نظام ويندوز فون خرج في 2010 كخليفة لنظام ويندوز موبايل -أرجوك لا تقل لي أنّ ويندوز موبايل نظام ذكي!- أي بعد ثلاثة أعوام من خروج أول آيفون بنظام iOS، وحتى في أيامه الأولى كان تطوّر ويندوز فون يسير ببطء شديد حتى أن أغلب المطورين رفضوا دعمه في البداية.
    • مايكروسوفت سيرفيس كأول جهاز لوحي من مايكروسوفت، خرج في 26 أكتوبر 2012 بنظام ويندوز RT بعد أن قامت أبل بإطلاق الجيل الثالث من جهازها اللوحي آيباد.
لم أرى بالمر قائدًا لمايكروسوفت يومًا، لقد كان مجنونًا يا رجل! نعم لديه الشغف المطلوب، لكن الرجل لم يكن يومًا جديرًا بقيادة شركة بحجم مايكروسوفت.
مع تنحى ستيف بالمر -أخيرًا- عن رئاسة مايكروسوفت، تم تعيين ساتيا ناديلا كرئيس تنفيذي في الرابع من فبراير 2014 بتوصية من بيل جيتس. وكان السيد ناديلا هو المسئول عن بناء وتشغيل العديد من الخدمات وخصوصًا خدمات الحوسبة السحابية وأدوات تطوير البيئات الحوسبية. كل المؤشرات تُشير إلى أنّ عهد مايكروسوفت مع ناديلا سيكون مزدهرًا ومليئًا بالنجاحات بفضل المنهجية الجديدة التي تتبعها الشركة في عهده، وكان الرجل قد قال منذ توليه مهمة قيادة مايكروسوفت أنّه سيركز أكثر على الخدمات والبرمجيات التي تنتجها مايكروسوفت بدلًا من التشتيت في تقليد الآخرين، يا بالمر!
microsoft-love-linux
بدأت بوادر منهجية  ناديلا الإنفتاحية على النظم الأخرى تظهر مؤخرًا، فقد أعلنت الشركة عن إطلاق تطبيقات جديدة لنظام تشغيل أندرويد، كما توجد بعض الشائعات عن خطط مايكروسوفت إطلاق تطبيق لوحة مفاتيح مُخصصة لنظام أندرويد وير لتعمل على الساعات الذكية. بعيدًا عن ذلك، اعترف ساتيا ناديلا لأول مرة في تاريخ مايكروسوفت بقوة نظام لينكس وصرّح أثناء لقاء للحديث عن منصة Azure السحابية في سان فرانسيسكو أنّ 20 بالمئة من الحواسيب الافتراضية على المنصة تنعم باستخدام نظام لينكس مفتوح المصدر، بل إنّه تمادى وقال “مايكروسوفت تُحب لينكس”. إذا كنت متعجبًا من دهشتنا من تصريحات السيد ناديلا يكفي أن أُخبرك أن ستيف بالمر كان يصف نظام لينكس بالسرطان الذي يجب استئصاله!
مايكروسوفت مع ساتيا ناديلا ستتغير تمامًا في اعتقادي الشخصي، للأفضل بالطبع. التركيز على ما تُبدع فيه الشركة من نظم التشغيل والبرمجيات بدلًا من تقليد الآخرين سيؤدي إلى وصول مايكروسوفت للإبداع والخروج بمنتجات جديدة تخلق لنفسها أسواق جديدة بدلًا من المنافسة في أسواق مُختنقة.

مايكروسوفت تَنْفُض الماضي، وتبدأ عهد جديد مع ساتيا ناديلا مايكروسوفت، هذه الشركة العريقة التي ظلمت نفسها طوال السنوات الماضية بسبب التفكير المُنغلق والحصري على مُنتجات بعينها، يبدو أنّها استفاقت أخيرًا تحت قيادة الرئيس التنفيذي الجد…

تعليقات
ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

add_comment

إرسال تعليق

اضف تعليقك هنا ويسرنا ان نستمع الى تعليقاتكم وفي حال وجود اي تعليق يخل بالاداب يرجى ابلاغنا بذلك